إنه عثمان بن مظعون رضي الله عنه الذي بكى عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين ماټ، وكان صاحب عقل وفطنة وحسن خلق حتى قبل إسلامه حتى أنه حرم على نفسه الخمر، وقال: لا أشرب شراباً يذهب عقلي ، ويضحك بي مَن هو أدنى منّي ، ويحملني على أن أنكح كريمتي ، أو : ويحملني على أن أُنكح كريمتي مَن لا أريد.
ولد بمكة المكرمة، وأبوه مظعون بن حبيب بن وهب، وأمه سخيلة بنت العنبس، وكان يكنى أبا السائب، وأسلم عثمان بن مظعون في الثلاثين من عمره، فكان المسلم رقم أربعة عشر، ويحكي لنا قصة إسلامه أنه انطلق هو وجماعة حتّى أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فعرض عليهم الإسلام وعرفهم به فأسلموا جميعاً، وذلك قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دار الأرقم ، وقبل أن يدعو فيها.
وقال عثمان بن مظعون عن إسلامه : “كان أوّل إسلامي حبّاً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثمّ تحقق ذلك اليوم لمّا شاهدت الوحي إليه، واستقرّ الإيمان في قلبي”.
وفي بداية إسلامه عاش عثمان في حماية الوليد بن المغيرة، ثم رأى ما يحدث للمسلمين من اضطهاد وتعذيب، بينما هو يمشى آمنًا ولا يتعرض له أحد من المشركين بسوء، فوقف مع نفسه قائلاً: “والله إن غدوّي ورواحي آمنًا بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من الأڈى والبلاء ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي”.
فذهب عثمان إلى الوليد وأعفاه من حمايته، فقال له الوليد: ولِمَ يا بن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي؟ فقال: لا، ولكني أرضي بجوار الله -عز وجل- ولا أريد أن أستجير بغيره، فطلب منه الوليد أن يعلن ذلك على الملأ ففعل.