السؤال
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
الحديث الوارد في ذلك رواه الإمام أحمد (24/393) والترمذي (514) عن معاذ بن أنس رضي الله عنه : (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الحبْوَة يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ) وقال الترمذي : هذا حديث حسن .
والاحتباء هو أن يجلس على أليتيه ، ويضم فخذيه وساقيه إلى بطنه بذراعيه ليستند . وهذه الجلسة تسمى أيضا ” القرفصاء ” .
وانظر “المعجم الوسيط” (1/154) ، (2/729) .
وقد اختلف أهل العلم في هذا الحديث ، فمنهم من حَسَّنه كالشيخ الألباني رحمه الله في “صحيح الترمذي” ، وكذا محققو مسند الإمام أحمد .
ومنهم من ضعفه كالنووي في “المجموع” (4/592) وابن العربي في “عارضة الأحوزي” (1/469) وابن مفلح في “الفروع” (2/127) .
قال النووي في “المجموع” بعد أن ذكر أن الترمذي قد حَسَّن هذا الحديث ، قال : “لكن في إسناده ضعيفان ، فلا نسلم حسنه” انتهى .
والضعيفان اللذان أشار إليهما النووي هما : سهل بن معاذ ، وعبد الرحيم بن ميمون .
أما سهل بن معاذ ، فقد قال فيه ابن معين : ضعيف. وقال ابن حبان : منكر الحديث جداً . وعبد الرحيم بن ميمون ضعفه أيضاً ابن معين . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به .
انظر: ” تهذيب التهذيب ” (4/258) (6/308) .
وقد ورد الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب عن بعض الصحابة كابن عمر وأنس رضي الله عنهم ، ولهذا ذهب أكثر العلماء (ومنهم الأئمة الأربعة) إلى أنه لا يكره .
قال ابن قدامة في “المغني” (2/88) :
“ولا بأس بالاحتباء والإمام يخطب , روي ذلك عن ابن عمر , وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإليه ذهب سعيد بن المسيب , والحسن , وابن سيرين , ومالك , والشافعي , وأصحاب الرأي . قال أبو داود : لم يبلغني أن أحدا كرهه إلا عبادة بن نسي , لأن سهل بن معاذ روى , (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب) رواه أبو داود .
ولنا : ما روى يعلى بن شداد بن أوس , قال : (شهدت مع معاوية بيت المقدس , فجمع بنا , فنظرت , فإذا جُلُّ من في المسجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيتهم محتبين والإمام يخطب) وفعله ابن عمر , وأنس ولم نعرف لهم مخالفاً , فصار إجماعاً ، والحديث في إسناده مقال . قاله ابن المنذر . والأولى تركه لأجل الخبر , وإن كان ضعيفا , ولأنه يكون متهيئا للنوم والوقوع وانتقاض الوضوء , فيكون تركه أولى , والله أعلم” انتهى باختصار .