ما هي علامات حب الله للعبد ؟. وكيف يكون العبد على يقين تام بأن الله جل وعلا يحبه وعلى رضا تام لهذا العبد ؟.
لقد سألت عن عظيم.. وأمرٍ جسيم.. لا يبلغه إلا القلائل من عباد الله الصالحين..
فمحبة الله ” هي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون.. وإليها شخص العاملون.. إلى عَلَمها شمر السابقون.. وعليها تفانى المحبون.. وبِرَوحِ نسيمها تروَّح العابدون.. فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح.. وقرة العيون..
وهي الحياة التي من حُرِمها فهو من جملة الأموات.. والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات.. والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه الأسقام.. واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام..
وهي روح الإيمان والأعمال.. والمقامات والأحوال.. التي متى خَلَت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه ”
فاللهـــــم اجعلنا من أحبابــــــك
ومحبة الله لها علامات وأسباب كالمفتاح للباب، ومن تلك الأسباب:
1 – اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال تعالى في كتابه الكريم { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم }.
2 – 5 – الذل للمؤمنين، والعزة على الكافرين، والجهاد في سبيل الله، وعدم الخوف إلا منه سبحانه.
وقد ذكر الله تعالى هذه الصفات في آية واحدة، قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم }.
ففي هذه الآية ذكر الله تعالى صفات القوم الذين يحبهم، وكانت أولى هذه الصفات: التواضع وعدم التكبر على المسلمين، وأنهم أعزة على الكافرين: فلا يذل لهم ولا يخضع، وأنهم يجاهدون في سبيل الله: جهاد الشيطان، والكفار، والمنافقين والفساق، وجهاد النفس، وأنهم لا يخافون لومة لائم: فإذا ما قام باتباع أوامر دينه فلا يهمه بعدها من يسخر منه أو يلومه.
6 – القيام بالنوافل: قال الله عز وجل – في الحديث القدسي –: ” وما زال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه ”، ومن النوافل: نوافل الصلاة والصدقات والعمرة والصيام.
8 – 12 – الحبّ، والتزاور، والتباذل، والتناصح في الله.
وقد جاءت هذه الصفات في حديث واحد عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: ” حقَّت محبتي للمتحابين فيَّ،
وحتى محبتي للمتزاورين فيَّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيَّ ”. رواه أحمد ( 4 / 386 ) و( 5 / 236 ) و” التناصح ” عند ابن حبان ( 3 / 338 ) وصحح الحديثين الشيخ الألباني في ” صحيح الترغيب والترهيب ” ( 3019 و3020 و3021 ).
ومعنى ” َالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ ” أي أَنْ يَكُونَ زِيَارَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مِنْ أَجْلِهِ وَفِي ذَاتِهِ وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ مِنْ مَحَبَّةٍ لِوَجْهِهِ أَوْ تَعَاوُنٍ عَلَى طَاعَتِهِ.
وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ” وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ” أي يَبْذُلُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي مَرْضَاتِهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أُمِرُوا بِهِ.” انتهى من المنتقى شرح الموطأ حديث 1779
13- الابتلاء، فالمصائب والبلاء امتحانٌ للعبد، وهي علامة على حب الله له ؛ إذ هي كالدواء، فإنَّه وإن كان مُرًّا إلا أنَّـك تقدمه على مرارته لمن تحب – ولله المثل الأعلى – ففي الحديث الصحيح: ” إنَّ عِظم الجزاء من عظم البلاء، وإنَّ الله عز وجل إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط ” رواه الترمذي ( 2396 ) وابن ماجه ( 4031 )، وصححه الشيخ الألباني.