والثاني: رَجُلٌ حلَفَ كَذِبًا يَدَّعِي بذلك شَيئًا مِن مالِ أخِيه بغَيرِ حقٍّ، فيَحلِفُ ليَأخُذَ مالَ غيرِه الَّذي لا يَحِلُّ له. وخَصَّ وقْتَ العَصْرِ بتَعظيمِ الإثْمِ فيه -وإنْ كانت اليَمِينُ الفاجِرَةُ مُحرَّمةً في كلِّ وقتٍ-؛ لأنَّ اللهَ عظَّمَ شَأنَ هذا الوقتِ بأنْ جَعَل الملائكةَ تَجتمِعُ فيه، وهو وقْتُ خِتامِ أعمالِ اليومِ، والأُمورُ بِخَواتِيمِها.
والثالثُ: رَجُلٌ حَرَم النَّاسَ مِن الماءِ الزَّائدِ عن حاجتِه، وفي رِوايةٍ في الصَّحيحينِ قيَّدَ المنْعَ بابنِ السَّبيلِ، وهو المسافرُ المُضطرُّ للماءِ لنفْسِه أو حَيوانٍ مُحترَمٍ معه. فيَقولُ اللهُ له يومَ القيامةِ: «اليومَ أَمْنَعُك فَضْلِي كما مَنَعْتَ فضلَ ما لم تَعْمَلْ يَداك»؛ وذلك لأنَّه لم يَكُنْ له حِيلَةٌ في هذا الماءِ الَّذِي منَع النَّاسَ الزَّائدَ منه على حاجتِه، بَلِ اللهُ تعالَى هو الَّذِي أنْزَلَه مِن السَّماءِ بغَيرِ حَولٍ ولا قُوَّةٍ لأحدٍ مِن البَشَرِ، فكما مَنَع هذا الرَّجُلُ فضْلَ اللهِ يَمْنَعُه اللهُ فضْلَه يومَ القيامةِ.
وذِكرُ هؤلاء الأصنافِ الثَّلاثةِ في هذا الحديثِ لا يَعْني الحصْرَ، ولا يَمنَعُ مِن وُجودِ أصنافٍ أُخرى استَحقَّت نفْسَ العَذابِ، كالمُسبِلِ، والمَنَّانِ، كما في صَحيحِ مُسلمٍ مِن حَديثِ أبي ذَرٍّ رَضيَ اللهُ عنه، والشَّيخِ الزَّاني، والمَلِكِ الكذَّابِ، والفقيرِ المُستكبِرِ، كما في صَحيحِ مُسلمٍ مِن حَديثِ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه.
وفي الحديثِ: إثباتُ صِفةِ الكلامِ والنظر للهِ عزَّ وجلَّ على الوجْهِ اللَّائقِ به جلَّ جَلالُه، مِن غَيرِ تَشبيهٍ ولا تَمثيلٍ ولا تَكييفٍ؛ فإنْ لم يُكلِّمِ الأصنافَ الثَّلاثةَ ولم يَنظُرْ إليهم، فهو يُكلِّمُ غيرَهم ويَنظُرُ إليهم.
اذا اتممت القراءة شارك بذكر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم