( فلعلك باخع نفسك على آثارهم ) من بعدهم ( إن لم يؤمنوا بهذا الحديث ) أي: القرآن ( أسفا ) أي حزنا وقيل غضبا.
التفسير الوسيط: ويستفاد من هذه الآية
ثم ساق- سبحانه – ما يسلى الرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من حزن بسبب إعراض المشركين عن دعوة الحق، فقال-تبارك وتعالى-: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا.
قال بعض العلماء ما ملخصه: اعلم- أولا- أن لفظة لعل تكون للترجى في المحبوب، وللإشفاق في المحذور.
واستظهر أبو حيان أن لعل هنا للإشفاق عليه صلى الله عليه وسلم أن يبخع نفسه لعدم إيمانهم.
وقال بعضهم إن لعل هنا للنهى.
أى لا تبخع نفسك لعدم إيمانهم.. وهو الأظهر، لكثرة ورود النهى صريحا عن ذلك، قال-تبارك وتعالى-: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ…
وقوله باخِعٌ من البخع، وأصله أن تبلغ بالذ0بح البخاع- بكسر الباء- وهو عرق يجرى في الرقبة.
وذلك أقصى حد الذ0بح.
يقال: بخع فلان نفسه بخعا وبخوعا.
أى: قت0لها من شدة الغيظ والحزن، وقوله: عَلى آثارِهِمْ أى: على أثر توليهم وإعراضهم عنك، وقوله أَسَفًا أى: هما وغما مع المبالغة في ذلك، وهو مفعول لأجله.
والمعنى: لا تهلك نفسك- أيها الرسول الكريم- هما وغما، بسبب عدم إيمان هؤلاء المشركين.
وبسبب إعراضهم عن دعوتك فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ، وإِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ.
قال الزمخشري: شبهه- سبحانه – وإياهم حين تولوا عنه ولم يؤمنوا به، وما داخله من الوجد والأسف على توليهم، برجل فارقته أحبته وأعزته فهو يتساقط حسرات على آثارهم ويبخع نفسه وجدا عليهم، وتلهفا على فراقهم.
فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا:
تفسير ابن كثير
يقول تعالى مسليا رسوله صلى الله عليه وسلم في حزنه على المشركين، لتركهم الإيمان وبعدهم عنه، كما قال تعالى: { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } [ فاطر: 8 ]، وقال } ولا تحزن عليهم } [ النحل: 127 ]، وقال { لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين } [ الشعراء: 3 ]
باخع: أي مه0لك نفسك بحزنك عليهم ؛ ولهذا قال { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث } يعني القرآن } أسفا } يقول: لا تهلك نفسك أسفا.
قال قتادة: قا0تل نفسك غضبا وحزنا عليهم. وقال مجاهد: جزعا. والمعنى متقارب، أي: لا تأسف عليهم، بل أبلغهم رسالة الله، فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.
تفسير القرطبي: معنى الآية 6 من سورة الكهف
قوله تعالى: فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا قوله تعالى: فلعلك باخع نفسك على آثارهم باخع أي مه0لك وقات0ل ; وقد تقدم.
آثارهم جمع أثر، ويقال إثر.
والمعنى: على أثر توليهم وإعراضهم عنك.
إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أي القرآن.
أسفا أي حزنا وغضبا على كفرهم ; وانتصب على التفسير.
اذا اتممت القراءة اترك ذكر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم